فصل: تفسير الآية رقم (54):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (52):

{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52)}
{آتَيْنَاهُمُ} {الكتاب}
(52)- والذِينَ آمَنُوا بالتَّورَاةِ والإِنْجِيلِ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ ثُمَّ أَدرَكُوا مُحَمَّداً، يُؤِمِنُونَ بالقُرآنِ لأَنَّهُمْ يَجِدُونَ في كُتُبِهِم البُشْرى بِهِ، وانطبَاقَ الأَوصَافِ عليهِ، وإذا تُليَ عَلَيهِمْ هذا القُرآنُ قَالُوا: صَدَّقْنا بِأَنَّهُ أُنزِلَ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا حَقّاً وَصِدْقاً.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِنَّ هذِهِ الآيةَ نَزَلَتْ في سَبعِينَ مِنَ القِسِّيسِينَ بَعَثَهُمُ النجَّاشِيُّ فَلَما قَدِمُوا عَلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، قَرأَ عَلَيهِمْ سُورَةَ (يس) فَبَكَوْا وأَسْلَمُوا.

.تفسير الآية رقم (53):

{وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53)}
{آمَنَّا}
(53)- وإِذا تُلِي عَلَيهِم القُرآنُ قَالُوا: آمَنَّا بأَنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبِّنا وَقَدْ أَسْلَمْنا إِلى رَبِّنا، وَكُنّا مُوَحِّدِينَ مُخْلِصِينَ للهِ، مُسْتَجِيبِينَ لَهُ، قَبلَ أَنْ نَسْمَعَ هذا القُرآنَ، لأَنَّنا وَجَدْنا في كُتُبِنا نَعْتَ مَحَمَّدٍ، وَنَعْتَ كِتَابِهِ، لِذَلِكَ آمنَّا بِهِ قَبلَ نُزُولِهِ.

.تفسير الآية رقم (54):

{أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54)}
{أولئك} {رَزَقْنَاهُمْ} {يَدْرَؤُنَ}
(54)- وَالذينَ آمنُوا بالكِتَابِ الأَوَّلِ، ثُمَّ آمنُوا بالقُرآنِ، سَيُؤْتِيهِم اللهُ أَجْرَهُمْ مَرَّتَين، جَزَاءً لهُم عَلَى صَبْرِهِمْ على اتِّباع الحَقِّ، وَعَلَى الإِيمَانِ بِكِتَابِهِمْ أَوَّلا، ثُمَّ عَلَى إِيمَانِهِمْ بِالقُرآنِ، لأَنَّ اتِّبَاعَ الحَقِّ فيهِ مَشَقَّةٌ على النُّفُوسِ. وَيَتَّصِفُ هؤلاءِ الذينَ آمنُوا بِكِتَابِهِمْ، ثُمَّ آمنُوا بالقُرآنِ بأَنَّهمْ لا يُقَابِلُونَ السِّيِّئَةَ بِمِثْلِهِا، وإنَّما يَعفُونَ ويَصْفَحُونَ، ويُنْفِقُونَ مِمَّا رَزَقَهُمُ الله مِنَ الرِّزْقِ الحَلالِ، عَلَى خَلْقِ اللهِ، وعَلَى ذَوِي قُرْبَاهُم ويُؤَدُّونَ زَكَاة أَمْوَالِهِم.
يَدْرَؤُونَ- يَدْفَعُونَ.

.تفسير الآية رقم (55):

{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55)}
{أَعْمَالُنَا} {أَعْمَالُكُمْ} {سَلامٌ} {الجاهلين}
(55)- وَهُمْ لا يَخَالِطُونَ أَهلَ اللَّغْوِ واللَّهوِ، والخَوْضِ فِيما لا يَنْفَعُ في دِينٍ ولا دُنْيَا، ولا يُعَاشِرُونَهُمْ بَلْ يُعرِضُونَ عَنهُم، ويَتَجَنَّبُونَ مُجَالَسَتَهُمْ، وإِذا سَفِهَ عَلَيهِمْ أَحَدٌ، وَكَلَّمَهُمْ بِمَا لا يَلِيقُ، أَعْرَضُوا عَنْهُ، وَلَمْ يُقَابِلُوهُ بِمِثْلِهِ مِنَ الكَلامِ القَبيحِ، وَلا يَصدُرُ عَنْهُمْ إِلا كَلامٌ طَيِّبٌ. وَيَقُولُونَ لِمَنْ سَفِهَ عَلَيهِمْ: سَلامٌ عَلَيكُم سَلام مُتَارَكَةٍ وَتَوْدِيعٍ، إِنَّنا لا نُرِيدُ اتِّبَاعَ طَريقِ الجَاهِلِينَ السُّفَهَاءِ، وَلا نُحِبُّهَا.
(وهذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ في وَفْدٍ مِنْ نَصَارَى الحَبَشَةِ الذِين أَسْلَمُوا فَاعتَرَضَهُم كُفَّارُ قَريشٍ، وَشَتَمُوهُم واتَّهمُوهُمْ بِالحُمْقِ، فَرَدُّوا عَلَيهِمْ قَائِلينَ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نُجَاهِلُكُمْ، لَنَا مَا نَحْنُ عَلَيهِ، وَلَكُمْ مَا أَنتُمْ عَلَيهِ).
(وَقِيلَ أَيضاً إِنَّها نَزَلَتْ في وَفْدٍ مِنْ نَصَارَى نَجْرَانَ في اليَمَنِ).

.تفسير الآية رقم (56):

{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)}
(56)- يَقُولُ اللهُ تَعَالى لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ هِدَايَةَ مَنْ أَحْبَبْتَ أَنْتَ هِدَايَتَهُ، وَلَيسَ ذَلكَ إٍليكَ، وَإِنَّما أَنْتَ رَسُولٌ عَلَيكَ البَلاغُ، واللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، واللهُ أَعْلَمُ بِمَنِ اهتدَى، وَبِمَنْ ضَلَّ سَواءَ السَّبيلِ.
(وقيلَ إِنَّ هذِهِ الآيةَ نَزَلَتْ في أَبي طَالِبٍ، فَحِينَما حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ أَتاهُ الرَّسُولُ وَقالَ لَهُ: يا عمَّاهُ قُلْ: لا إِلهَ إِلا اللهُ، أَشْهَدُ لَكَ بِها عِنْدَ اللهِ يَومَ القِيَامَةِ، فَقَالَ لَوْلا أَنْ تُعيَّرَنِي قُرَيشٌ: يَقُولُونَ مَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ إِلا جَزَعهُ مِنَ المَوتِ، لأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ).

.تفسير الآية رقم (57):

{وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57)}
{آمِناً} {ثَمَرَاتُ}
(57)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَمَّا اعتَذَرَ بهِ بَعْضُ المُشْرِكِينَ إِلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ سَببِ عَدَمِ إيمانِهِمْ بِرِسَالَتِهِ، وَكَانَ مِنْ هؤلاء المُعتَذِرِينَ الحَارِثُ بِنُ عُثْمَانَ بْنِ نَوْفَل بْنِ عَبْدِ مُنَافٍ فَقَدْ جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ لَهُ: نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّكَ عَلى الحقِّ، ولكِنَّنا نَخَافُ إِنْ اتَّبْنَاكَ، وَخَالَفْنا العَرَبَ، أَنْ يُخرِجُونامِنْ أَرضِنا، ويَغْلِبُونا عَلَى سُلْطَانِنا ونَحنُ قِلَّةٌ. وَيَردُّ الله تَعالى عَلَى هؤلاءِ بقَولِهِ: إِنّ الذِي اعْتَذَرُوا بِهِ بَاطِلٌ، لأنَّ اللهَ جَعَلُهُمْ في بَلَدٍ آمِن، وَحَرمٍ مُعَظَّمٍ آمِنٍ مُنْذُ وُضِعَ. فَكَيفَ يَكُونَ هذا الحَرَمُ آمِناً لَهُمْ وَهُمْ كُفّارٌ، مُشْرِكُونَ، وَلا يَكُونُ آمنا لهُمْ إِذا أَسْلَمُوا واتَّبَعُوا الحَقَّ؟ ثُمَّ يَقُولُ تَعَالى: إِنَّهُ يَسَّرَ وصولَ الثَّمَرَاتِ والأَمتِعَةِ والأَرْزَاقِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ إِلى أهلِ الحَرَمِ، وهذا كُلُّهُ بِفَضْلِ اللهِ، وَمنْ عِنَايَتِهِ، ولكِنَّ أَكثَرَ هؤلاءِ جَهَلَةٌ لا يَعْلَمُونَ مَا فِيهِ خَيرُهُم وَسَعَادَتُهُمْ، وَلِذَلِكَ قَالُوا مَا قَالُوا.
نُتَخَطَّفُ- نُنْتَزَعُ بِسْرُعَةٍ.
يُجْبَى إِليهِ- يُجْلَبُ إِليهِ وَيُحْمَلُ إِليهِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ.

.تفسير الآية رقم (58):

{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58)}
{مَسَاكِنُهُمْ} {الوارثين}
(58)- يُعَرِّضُ الله تَعَالى بأهلِ مَكَّةَ، وَيُنَبِّهُهُمْ إِلى أَنَّهُ قَدْ سَبَق لَهُ أَنْ أَهلَكَ كَثيراً مِنَ المُدُنِ والقُرى، التي طَغَتْ وأَشِرَتْ وكَفَرَت بِنِعْمَةِ اللهِ، فيما أَنْعَمَ بهِ عَلَيها، فَدَمَّرَهَا تَدمِيراً، وَلَم يَتْرُكْ أَحَداً مِنْ أهلِها حياً، وَلَم يَعُدْ يُرى فِيها إِلاّ المَسَاكِنُ الخَرَابُ المَهْجُورَةُ، لَمْ يَسْكُنها أَحدٌ بَعدَهُمْ، إِلا عَابرُو السَّبيلِ لفَتَراتٍ قَصِيرةٍ، وَهُمْ مَارُّون مُجْتَازُونَ بِها، وَآلتْ وِرَاثُتها إِلى اللهِ، لأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهلِهَا أَحَدٌ يُمْكِنُ أَنْ يَدَّعِيَ وَرَاثَتَها.
بَطرَتْ مَعِيشَتها- طَغَتْ وَتَمَرَّدَتْ فِي أَيَّامِ حَيَاتِها.

.تفسير الآية رقم (59):

{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59)}
{يَتْلُو} {آيَاتِنَا} {ظَالِمُونَ}
(59)- وَيُخْبِرُ اللهُ تَعَالى عَنْ عَدْلِهِ فَيقُولُ: إِنَّهُ لا يُهْلِكُ أَحَداً وَهُوَ ظَالِمٌ لَهُ، وَإِنَّما يُهِلكُهُ بعدَ أَنْ تَقُومَ عَليهِ الحُجَّةُ. وإِنَّهُ لا يُهلِكُ القُرى حَوْلَ مَكَّةَ بِكُفْرِهِم وَظُلْمِهِم إِلا بَعْدَ أَن يَبْعَثَ فِي أُمِّ القُرَى (مَكَّةَ) رَسُولاً يدْعُوهُم إِلى اللهِ، وَيُبِيِّنُ لهُم سَبيلَ الهدَايَةِ والرَّشَادِ، وَيتلُو عَلَيهمْ آياتِ اللهِ، وإِنَّهُ لا يُهلِكُ هذهِ القُرى إِلا وَأَهْلُها ظَالِمُونَ، قَدْ كَذَّبُوا النَّبِيَّ، وَرَفَضُوا اتِّباعَهُ، وقَبُولَ دَعْوَتِهِ.
(وَفُهِمَ مِنْ هذِهِ الآيةِ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بُعِثَ إِلى النَّاسِ كَافَّة، وَلَيسَ لأَهلِ مَكَّةَ خَاصَّةً).

.تفسير الآية رقم (60):

{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60)}
{فَمَتَاعُ} {الحياة}
(60)- كُلُّ مَا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيا مِنْ زِينَةٍ زَائِفَةٍ، وَزَهَرَةٍ فَانِيَةٍ، وأَموَالٍ وأوْلادٍ هُوَ مَتَاعٌ مَحْدُودٌ مُؤقَّتٌ تَافِهٌ بالنِّسْبَةِ إِلى مَا أَعدَّهُ الله في الحَيَاةِ الآخِرَةِ مِنْ نَعيمٍ مُقيمٍ دائِمٍ لِعِبَادِهِ المُؤْمِنينَ المُخِلصِينَ، فَلا تَصْرِفَنَّكُمْ، أَيُّها العِبَادُ، العَرُوضُ الفَانِيةُ في الحَيَاةِ الدُّنيا، عَنِ النَّعيمِ الخَالِدِ في الحَيَاةِ الآخِرَةِ، وَحَكِّمُوا عُقُولَكُمْ في أُمُورِكُم بَدَلَ أَهَوائِكُم تَفُوزُوا.
وفِي الحَديثِ: «مَا الحَيَاةُ الدُّنيا فِي الآخِرَة إِلا كَمَا يَغْمِسُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ في اليَمِّ فَلْيَنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

.تفسير الآية رقم (61):

{أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61)}
{وَعَدْنَاهُ} {لاقِيهِ} {مَّتَّعْنَاهُ} {مَتَاعَ} {الحياة} {القيامة}
(61)- لا يَسْتَوِي مَنْ هُوَ مُؤْمِنٌ باللهِ، مَصَدِّقٌ بمَا وَعَدَ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ المُؤمِنينَ، مِنْ عَظيمِ الأَجرِ والثَّوابِ، عَلَى الإِيمَانِ والعَمَلِ الصَّالِحِ، فَاستَحَقَّ وَعْدَ اللهِ الحَسَنَ بالجَنَّةِ، وَحُسْنَ الثَّوابِ، مَعَ مَنْ كَفَرَ وَكَذَّبَ بِلِقَاءِ اللهِ، وَوَعْدِهِ، وَوَعِيدِهِ، وجَنَّتِهِ وَنَارِهِ، فَهُوَ يَتَمَتَّعُ بِالحَياةِ الدُّنيا وَزُخْرُفِهَا أَيَّاماً قَلِيلَةً ثُمَّ يكُونُ يَومَ القِيَامَةِ مِنَ المُحْضَرِينَ لِلْحِسَابِ، المُلاقِينَ لِلْعِقَابِ.

.تفسير الآية رقم (62):

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62)}
{شُرَكَآئِيَ}
(62)- واذْكُر أَيُّها الرَّسُولُ حِينَ يُوَبِّخُ اللهُ تَعَالى المُشْرِكِينَ المُضْلِّينَ يَومَ القِيَامَةِ، فَيَسْأَلُهُمْ قَائِلاً: أَيْنَ الآلِهَةُ التِي كُنْتُمْ تَعبُدُونَها فِي الدَّارِ الدُّنيا مِنَ الأَصْنَامِ والأَندَادِ والجِنِّ.. هَلْ يَدْفَعُونَ عَنْكُمُ اليَومَ، أَوْ يَشْفَعُونَ فِيكُمْ؟

.تفسير الآية رقم (63):

{قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63)}
{أَغْوَيْنَاهُمْ}
(63)- ويَقُولُ رُؤَسَاءُ الضَّلالَةِ، والدُّعَاةُ إلى الكُفرِ، الذِينَ حَقَّ عَليهْم غَضَبُ اللهِ: رَبَّنا إِنَّ هؤُلاءِ الأَتبَاعَ الذِينَ أَضْلَلْنَاهُمْ كَمَا ضَلَلْنَا، هُمُ الذِين غَوَوْا بِطَوْعِهِمْ واخْتِيَارِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَّا لَهُمْ إِلا الوَسْوَسَةُ والتَّسْوِيلُ، ولمْ نُكرِههّمْ على فِعلِ شيءٍ لا يُريدُونَه، فَهُم كَانوا مُختَارينَ حِينما تَقَبَّلُوا تلكَ العَقَائِدَ، وأقدَموا على هذِهِ الأعمالِ. وإِنَّنا نَبرأ إِليكَ مِنْهُمُ اليَومَ، ومِمّا اختارُوه فِي الدُّنيا مِنَ الكُفرِ، وهُمْ لمْ يَعْبُدونَا نَحنُ، بلْ عَبدُوا أَهَواءَهُمْ، بلْ عَبدُوا أَهَواءَهُمْ، وأَطَاعُوا شَهَواتِهِمْ.
أَغْوَينَا- دَعَونَاهُمْ إِلى الغَيِّ فَاتَّبَعُونَا.

.تفسير الآية رقم (64):

{وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64)}
(64)- وَيُقَالُ في ذلكَ اليَومِ- يومِ القيامةِ- لِهؤلاءِ المُشرِكِينَ الذِين كَفُروا بالله في الدُّنيا، وَعَبدُوا مَعَهُ غَيْرَه: ادْعُوا آلِهَتَكُمْ الذِينَ زَعَمْتُم أَنَّهم كَانُوا شُرَكَاءَ للهِ، لُيخَلِّصُوكُم مِمّا أَنتُمْ فيهِ، كَمَا كُنتُم تَرْجُونَ مِنْهُمْ ذلِكَ في الدَّارِ الدُّنيا، فدعوْهُم فَلَم يَرُدُّوا عَلَيهم لِعَجْزِهِمْ عَنِ الإِجابةِ، وأَيقنَ الدَّاعُونَ والمَدعُوُّونَ أَنَّهم صَائِرُونَ إِلى النَّارِ لا مَحَالةَ، فَتَمَنَّوْا لوْ أنَّهُمْ كَانُوا مِنَ المُهتَدِينَ في الدَّارِ الدَّنيا، لِكيلا يَصِيرُوا إِلى العَذَابِ الأَليمِ.

.تفسير الآية رقم (65):

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65)}
(65)- ثُمَّ يُنَادي اللهُ تَعَالى المُشرِكِينَ وَيَسْأَلُهُم عَمَّا أَجَابُوا بهِ عَلَى دَعْوَةِ المُرسَلِينَ إِليهِمْ، وكَيفَ كَانَ حَالُهُم مَعَهُم حِينما أبلغُوهُم دَعْوَةَ رَبِّهِمْ؟

.تفسير الآية رقم (66):

{فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66)}
{يَوْمَئِذٍ}
(66)- فَلا يَجدُونَ مَا يرُدُّونَ بهِ عَلَى السُّؤالِ فيَسكُنُونَ. وَتَخْفَى عَليهِم الحُجَجُ وكُلُّ طُرُقِ العِلْمِ التِي كَانَتْ تُجدِيهِمْ نَفْعاً في الحَيَاة الدُّنيا، فَلا يَسْأَلُ بَعْضُهُم بَعْضاً، لِتَساوِيِهم جَميعاً في عَمَى الأنباء عَليهِمْ، والعَجزِ عنِ الجَوَابِ.
فَعَمِيتْ عَليهِمُ الأَنْبَاءُ- خَفِيَتْ واشْتَبَهَتْ عَلَيهِم الحُجَجُ.